إدارة الامتثال وإدارة المخاطر، يعتقد الكثيرون أنهما إدارتان متوائمتان بشكل وثيق، مما يدفعهم للاعتقاد بعدم وجود اختلافات بينهما. ومع ذلك، فإن فرق القيادة ومديري المخاطر في المؤسسات يدركون الاختلافات الدقيقة بين المهام الموكلة إلى كل منهما. مع أنه بالجمع بين هاتين الإدارتين أن يحدث تأثيراً ملموساً في إدارة المؤسسات. ومع ذلك، هناك فرق كبير بين مجرد تجنب المخاطر وخلق قيمة ملموسة بالفعل، حيث إن كلاهما يساهم في الحفاظ على استقرار المؤسسة ونزاهتها على مختلف المستويات. فالامتثال للقواعد واللوائح المعمول بها يحمي المؤسسة من المخاطر المحتملة، بينما إدارة المخاطر تحمي المؤسسة من المخاطر التي تؤدي إلى عدم الامتثال، مما يعتبر خطراً بحد ذاته.

مفهوم الامتثال

الامتثال، لغويًا، يعني الخضوع أو الانقياد لأمر ما. ويعرف بالإنجليزية بمصطلح “Compliance”، وهو مصطلح أنجلو-ساكسوني الأصل يشير إلى الالتزام بأي فعل أو رغبة أو أمر. كما يشير إلى الامتثال التنظيمي، حيث يتم تطبيقه داخل المؤسسات التي تتبنى مجموعة من الإجراءات والممارسات الجيدة التي تهدف إلى تحديد وتصنيف المخاطر التشغيلية والقانونية التي تواجهها. من خلال هذه الإجراءات، يتم إنشاء آليات داخلية للوقاية والإدارة والتحكم ورد الفعل ضد هذه المخاطر. يعتبر الامتثال أيضًا التزام المؤسسة بالمبادئ التوجيهية أو المواصفات المعمول بها. على سبيل المثال، يمكن أن يكون الامتثال بالنسبة لمصنع أو مورد شهادة تؤكد التزامه بالممارسات والقواعد واللوائح المقبولة. هذه اللوائح أو التشريعات قد تصدر من قبل الحكومة أو الصناعة ويتم تنظيمها عبر نظام إدارة الامتثال التنظيمي.

نظام إدارة الامتثال التنظيمي

يُعتبر نظام إدارة الامتثال التنظيمي الداعم الهيكلي للمؤسسات، ويُعرف بأنه مجموعة من الإجراءات التي يجب على المؤسسات اتباعها لإجراء أعمالها وفقًا للقوانين المحلية ولوائح الصناعة والمواصفات التي تلبي احتياجات العملاء عبر سلسلة من الآليات والعمليات. يُنفذ هذا النظام بناءً على قرار صادر عن الإدارة العليا بهدف التحسين الإداري والتنظيمي، وهو من جهة يوفر ضمانًا لاحترام الشرعية من قبل المؤسسة، ومن جهة أخرى يمنح الثقة للعميل. كما يعمل كآلية لتخفيف المسؤولية الجنائية عن الشخص الاعتباري في حال ارتكاب بعض الجرائم من قبل أعضاء المؤسسة.

الضرورة لنظام إدارة الامتثال التنظيمي

إن البيئة القانونية والاجتماعية والاقتصادية التي تمارس فيها المؤسسات أنشطتها قد أصبحت معقدة وغير مستقرة بشكل متزايد، مما أوجد ضرورة ملحة لوجود نظام إدارة الامتثال التنظيمي. أصبحت الهيئات والسلطات التنظيمية تولي أهمية كبرى لقضايا الامتثال القانوني في المؤسسات بمختلف أنواعها. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي السمعة السيئة أو فرض عقوبات كبيرة، أو حتى خسائر الأعمال الناتجة عن عقود غير قابلة للتنفيذ، إلى استبعاد المؤسسة من المناقصات أو الإعانات العامة. تلك الفضائح السياسية والتجارية التي نسمع عنها يوميًا في العديد من البلدان تعكس مدى حساسية المجتمع تجاه مثل هذه القضايا، مما دفع المؤسسات العامة والخاصة إلى الاهتمام بمعايير أخلاقية وقانونية صارمة كبروتوكولات إلزامية للحوكمة الرشيدة.

منافع نظام إدارة الامتثال التنظيمي

تتنوع فوائد الامتثال في المؤسسات التي تقرر تنفيذ نظام إدارة الامتثال التنظيمي، وذلك اعتمادًا على نطاق النظام ونوع المخاطر التي يتم مواجهتها، سواء كانت جنائية أو ضريبية أو تشغيلية أو تتعلق بالسمعة أو العمالة. وهنالك معايير دولية مختلفة تعمل كدليل وتساعد المؤسسات على تنفيذ نماذج الامتثال الخاصة بها، مما يوفر ضمانًا إضافيًا.

فوائد العمل:

1. يساهم في تحسين المناخ الداخلي للمؤسسة وسلوك العاملين، ويساعد في تحسين التواصل والثقة داخل المؤسسة.
2. يوفر تحكمًا تنظيميًا وداخليًا محسنًا.
3. يعزز الثقة بين مالكي المؤسسة وموظفيها ومقرضيها وعملائها وشركائها في الأعمال.
4. يساعد في الكشف عن اللوائح المتعددة التي قد تخضع لها أنشطة المؤسسة.
5. يمكن أن يؤدي إلى تخفيض تكلفة التأمين، وهو ميزة خاصة في قطاعات مثل الخدمات العامة والمدارس والجامعات والنقل أو الصناعة.
6. يوفر ميزة تنافسية للمؤسسات في العطاءات العامة والمنافسة مع الشركات العالمية، حيث يمنح نظام الامتثال المطبق المؤسسة أفضلية في المناقصات العامة والعقود الدولية.

المصالح التجارية:

1. يحسن نظام إدارة الامتثال التنظيمي من صورة المؤسسة وسمعة منتجاتها تجاه العملاء والموردين.
2. يزيد من قيمة العلامة التجارية، مما ينعكس إيجابًا على النشاط التجاري وزيادة المبيعات.
3. يساعد على تحديد المؤسسات التي تسعى إلى تطوير أنشطتها في سيناريو الامتثال والحوكمة الرشيدة.
4. يوفر أمانًا كبيرًا من خلال الإثباتات والتقييمات الخارجية، مما يعزز الثقة بين المؤسسة وعملائها.

الجانب القانوني:

1. يمكن أن يوفر نظام إدارة الامتثال التنظيمي إثباتًا لوجود نظام رقابة مناسب للمتطلبات القانونية والامتثال للوائح الداخلية.
2. يساعد في إعفاء المؤسسة من المسؤولية الجنائية وتجنب إدانتها في حالة ارتكاب جريمة ضمن بيئتها.
3. يمكن أن يؤدي إلى تخفيض أو إلغاء المسؤولية القانونية والجنائية للمؤسسات في العديد من البلدان، عند إثبات امتلاك المؤسسة للوسائل والأنظمة المناسبة لإدارة الامتثال.

فعالية نظام إدارة الامتثال

لكي يكون نظام إدارة الامتثال فعالًا، يجب دمج العناصر التالية:

• القيادة: يجب أن يبنى النظام على أسس متينة من الأخلاقيات التي تقررها الإدارات العليا، مع الالتزام الواضح وغير المشروط.
• تقييم المخاطر: من الضروري تحديد المجالات الأكثر عرضة للمخاطر لضمان الامتثال الكامل.
• المعايير والضوابط: يجب وضع معايير وضوابط فعالة لضمان أن يكون نظام إدارة الامتثال أكثر من مجرد نوايا على الورق.
• الموارد: يجب تخصيص الموارد المناسبة من حيث الجودة والكمية لضمان إدارة النظام بشكل فعال.
• المراقبة والمراجعة: لضمان الالتزام، يجب على المؤسسة اعتماد آليات المراقبة والمراجعة المستمرة.

مقارنة بين المخاطر والامتثال

رغم التشابه في الأهداف النهائية، تختلف إدارة المخاطر عن الامتثال في العديد من النواحي. إدارة المخاطر تتبع نهجًا استباقيًا وتنبؤيًا، بينما يتبع الامتثال نهجًا إلزاميًا وتفاعليًا. يركز الامتثال على الالتزام بالمتطلبات القانونية، بينما تركز إدارة المخاطر على تقليل حالة عدم اليقين والتحكم في التهديدات المحتملة.

التقنية

التكنولوجيا تلعب دورًا حيويًا في دمج معلومات المخاطر والامتثال، مما يوفر تحليلات أقوى تساعد في إدارة المخاطر بشكل استراتيجي وتنبؤي. يمكن للتقنية أيضًا تسهيل عملية الامتثال من خلال أتمتة المهام الإدارية وتحليل البيانات.

استنتاج

في النهاية، على المؤسسات أن تكون حذرة من الجمع بين إدارة الامتثال وإدارة المخاطر كمبادرة واحدة، ومع ذلك فإن فهم أوجه التشابه بينهما والتوفيق بينهما يمكن أن يوفر فوائد كبيرة للإدارة المتزامنة لكلا المجالين

اقرأ ايضا http://www.nobelcert.com/DataFiles/FreeUpload/ISO%2019600.pdf

اقرأ ايضا الاعمال المصرفية – تحويل الامتثال من عبء إلى ميزة تنافسية و دور المدققين في منع غسل الأموال والقوة والإرادة الحرة وطبيعة الإنسانية

e-onepress.com

Estimated reading time: 7 دقائق

About Author

HANI KHAMIS HAMAD

[email protected]

See author's posts