المخاطرالمخاطر

في الوقت الراهن، يعد التركيز على التخفيف من المخاطر أمراً ضرورياً لفهم كيفية تأثير السلوك التنظيمي لأعضاء المؤسسة على أدائهم وتواصلهم الداخلي. يهدف هذا التركيز إلى تعزيز التواصل الفعّال. وتحقيق أداء متميز داخل المؤسسة من خلال تحديد استراتيجيات التعامل مع المخاطر. وتحديد السمات القيادية الأساسية التي يجب أن تتوفر في الإدارة لمواجهة هذه التحديات.

كيفية التعامل !

تعتبر الرؤية الواضحة وحركة المعلومات داخل المؤسسة من العوامل الأساسية التي يجب تحسينها لتطوير عملية صنع القرار على جميع مستويات الشركة. ومن خلال ذلك، يمكن ضمان توافق هذه القرارات مع الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة.

تتنوع المخاطر التي تواجهها الشركات، وتتأثر هذه المخاطر بعوامل خارجية وداخلية تتفاعل فيما بينها بطرق مختلفة. لذلك، فإن القرارات المتعلقة بوظائف الموارد البشرية والحوكمة لها تأثير كبير على سمعة المؤسسات واستقرارها المالي. ولهذا السبب، ينصح بمراجعة أساسيات المؤسسة بشكل دوري وطرح أسئلة حاسمة مثل: ما هو هدف الشركة؟ ما هي تحديات القطاع؟ وكيف يمكن التعامل مع المخاطر لتحقيق أفضل النتائج؟

التخفيف كاستراتيجية فعّالة:

واحدة من الاستراتيجيات الممكنة للتعامل مع المخاطر هي “التخفيف من التهديدات”. حيث تقوم الشركات بتطوير آليات دفاعية لمواجهة التهديدات المحتملة. تشمل هذه الآليات استخدام أدوات التحليل والتقييم لتحديد المخاطر المحتملة وتقدير تأثيرها. بناءً على هذه التحليلات تعتمد الشركات استراتيجيات مختلفة للتعامل مع هذه المخاطر بفعالية، مثل: وضع سياسات وإجراءات جديدة، وتحسين العمليات الحالية، أو تخصيص موارد إضافية لمواجهة التحديات. كما تعمل الشركات على تطوير خطط احتواء وطوارئ للتعامل مع الأزمات المحتملة، لضمان استمرارية العمل وتقليل التأثير السلبي على الأداء المؤسسي.

أهمية قيادة المخاطر والتخفيف منها:

من الضروري التمييز بين مفهومي “قيادة المخاطر” و”تخفيف المخاطر” أو “إدارة المخاطر”، حيث أن لكل منهما أهداف واستراتيجيات مختلفة:

اولاً: قيادة المخاطر: تهدف قيادة المخاطر إلى أن تكون استباقية في خلق بيئة وهياكل تضمن تدفق المعلومات بشفافية قدر الإمكان. الهدف هنا هو تمكين أعضاء المنظمة من فهم التهديدات التي يواجهونها على كافة مستويات العمل. ومن خلال توفير المعلومات بشكل شفاف وفعال. يمكن للأفراد اتخاذ قرارات مستنيرة لمواجهة التحديات.على سبيل المثال: تعتمد الشركات الرائدة مثل “Google” و”Apple” على بيئة تنظيمية تسمح بتدفق المعلومات بين جميع أفراد المنظمة. مما يساعد على تحديد المخاطر المحتملة والتعامل معها بشكل مناسب قبل أن تؤثر بشكل كبير على العمليات التشغيلية.

ثانياً: تخفيف المخاطر أو إدارة التهديدات: تركز إدارة التهديدات على تحديد وتقليل التهديدات الحالية والمحتملة التي قد تؤثر على المنظمة. يتضمن ذلك تقييم وتحليل وتطبيق استراتيجيات للتعامل معها بفعالية. تشمل هذه الاستراتيجيات وضع سياسات وإجراءات جديدة أو تحسين العمليات الحالية لتحقيق أقصى قدر من السلامة والكفاءة في مواجهة التهديدات.على سبيل المثال، تستخدم الشركات المالية الكبرى مثل “JP Morgan” و”Goldman Sachs” أدوات متقدمة لإدارة المخاطر تتضمن تحليل السيناريوهات وتقييم الأصول المالية لتقليل المخاطر المرتبطة بالتقلبات السوقية.

أهمية الشفافية :

إذا لم تكن المؤسسات شفافة بما فيه الكفاية في تعاملها مع التهديدات. فإنها تعرض نفسها للعديد من المخاطر التي قد تكون كارثية. على سبيل المثال: انهيار بنك بارينجز في عام 1995 يُعد حالة شهيرة توضح كيف يمكن أن تؤدي قلة الشفافية إلى فشل كامل للمؤسسة. التاجر نيك ليسون، الذي أغلق صفقات غير مصرح بها بقيمة 827 مليون جنيه إسترليني، استغل ضعف الأنظمة الإدارية والرقابية في البنك. ونتيجة لذلك، فشلت الآليات القائمة في التعامل مع التأثير الكبير لتلك الصفقات. مما أدى إلى انهيار البنك.

كانت المشكلة الرئيسية تكمن في عدم قدرة الشركة على إعطاء الأولوية لمشاركة المعلومات عبر جميع المستويات داخل المؤسسة. سواء من أسفل إلى أعلى أو من العاملين الميدانيين إلى كبار صناع القرار. هذا النقص في الشفافية أدى إلى عدم توافق الأهداف الاستراتيجية مع العمليات التشغيلية، مما ساهم في انهيار البنك.

ثلاث خصائص لقيادة المخاطر الفعّالة:

الأولى: إنشاء تدفق مستمر للمعلومات: تحتاج قيادة المخاطر إلى وضوح وشفافية في نقل المعلومات. مع ضمان وجود عمليات وهياكل تدعم هذا التدفق. يتعلق هذا الجانب أيضاً بالثبات في التواصل، حيث يجب أن يفهم الموظفون كيف ترتبط أهدافهم الفردية باستراتيجية المؤسسة العامة. على سبيل المثال: تعتمد شركات التكنولوجيا مثل: “Microsoft” . على نظم تواصل داخلية قوية لضمان فهم جميع الموظفين للأهداف الاستراتيجية وكيفية تحقيقها.

الثانية: مراجعة شفافة ومنتظمة: لكي تكون عملية صنع القرار فعالة من الضروري إجراء مراجعات مستمرة للتحديات الحالية. يمكن لهذه المراجعات أن تساعد في إعادة التقييم وتحديث السياسات وفقاً للتغيرات في السيناريوهات التجارية. كما يجب أن توفر بيئة العمل الحرية للموظفين للتعبير عن آرائهم دون خوف من العقوبات. مما يعزز الشفافية ويتيح اتخاذ قرارات مستنيرة. على سبيل المثال: في شركات مثل “General Electric”. تجرى مراجعات دورية للتحديات. حيث يُشجع الموظفون على تقديم رؤاهم حول التحديات التي تواجههم، مما يساعد الشركة على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق.

الثالثة: الاهتمام بالفريق البشري: جانب أساسي آخر هو الدعم والتعاطف مع جميع أعضاء الفريق. يجب على القادة إدراك أهمية رفاهية الموظفين وضمان توفير بيئة عمل داعمة، خاصة في الأوقات الصعبة. يعد هذا المبدأ الثالث لقيادة المخاطر، حيث يسهم في الحفاظ على تحفيز الموظفين وإشراكهم في تحقيق أهداف الشركة.على سبيل المثال، خلال جائحة كوفيد-19، تميزت شركات مثل “Salesforce” بتوفير دعم نفسي ومالي لموظفيها. مما ساعد في الحفاظ على روح الفريق وتحقيق استمرارية الأعمال في ظل ظروف صعبة.

أهمية المسؤولية الاجتماعية والشفافية:

من الضروري أن تكون المؤسسات شفافة في تعاملها وأن تدمج المسؤولية الاجتماعية كجزء من استراتيجيتها. الشركات التي تفشل في هذه الجوانب تُعرض نفسها لمخاطر كبيرة، كما هو الحال في انهيار بنك بارينجز. في المقابل، الشركات التي تتبنى الشفافية والمسؤولية الاجتماعية تسهم في تعزيز ثقة العملاء والمستثمرين. مما يعزز من استقرارها ونجاحها على المدى الطويل.

على سبيل المثال، سلسلة فنادق “Marriott” تعتمد نهجاً شفافاً في التعامل مع المخاطر وتدير برامج مسؤولية اجتماعية تسهم في تقليل تأثيرها البيئي وتعزيز صورتها كمؤسسة مسؤولة.

خاتمة:

في النهاية، تُعد قيادة المخاطر وإدارة التهديدات من العوامل الحاسمة لضمان استمرارية ونجاح المؤسسات في مواجهة التحديات المتزايدة. من خلال التركيز على الشفافية، والتواصل الفعّال، ودعم الفريق البشري، يمكن للشركات تقليل المخاطر المحتملة وتحقيق أداء متميز. كما أن تبني المسؤولية الاجتماعية كجزء من الاستراتيجية العامة يعزز من مكانة الشركة، ويضمن التزامها بأفضل الممارسات في مواجهة التهديدات.

في عصرنا الحالي، أصبحت القدرة على التكيف مع التغيرات والتعامل مع المخاطر بشكل استباقي ضرورة لضمان استمرارية وازدهار الشركات في بيئة أعمال متغيرة باستمرار.

اقرأ ايضاً :تأثير العولمة على السلوك التنظيمي..

Estimated reading time: 8 دقائق

e-onepress.com

About Author

One thought on “أهمية السلوك التنظيمي وإدارة المخاطر في المؤسسات”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Verified by MonsterInsights