يعد الهيكل التنظيمي المعاصر مهم للغاية. واستجابة لمتطلبات السوق لكي تكون المنظمات حديثة ومرنة ومبتكرة. وتستخدم هذه الهياكل المعاصرة الأساليب الهيكلية المرنة التي يتم فيها تقسيم المهام الوظيفية وتجميعها وتنسيقها. من أجل الاستجابة للعوامل البيئية، ولمواجهة البيئة الخارجية الديناميكية والمعقدة للغاية.
وجاءت التطورات التكنولوجية التي أثرت على الأعمال في موجات بطيئة. ومرت أكثر من 100 عام بين اختراع أول محرك بخاري موثوق وأول محرك احتراق داخلي عملي. وخلال هذه الأيام الأولى للتقدم كان التواصل يسير جنباً إلى جنب مع النقل. وبدلاً من توصيل رسائل البريد مئات الأميال بالحصان اصبح إمكانية نقلها بسرعة أكبر بالقطار ثم بعد ذلك بالطائرة. وابتداء من القرن العشرين بدأت موجات التغيير في الارتفاع بسرعة أكبر ابتدأً من التلغراف إلى الهاتف إلى الكمبيوتر إلى الإنترنت. وجلب كل تقدم الحاجة إلى هيكل المنظمة للتكيف والتغيير.
وأصبح العمل عالمياً، وانتقل إلى اقتصادات وثقافات جديدة طالبت الصناعات غير الموجودة سابقاً مثل تلك المتعلقة بالتكنولوجيا المتقدمة، واصبحت المنظمات مرونة بطرق لم يسبق لها مثيل من قبل فالطبيعة المتنوعة والمعقدة لبيئة الأعمال الحالية أدت إلى ظهور عدة أنواع من الهياكل التنظيمية.
وابتداءً من السبعينيات بدأ خبراء الإدارة في اقتراح تصميمات تنظيمية يعتقدون أنها تتكيف بشكل أفضل مع احتياجات بيئة الأعمال الناشئة. وكل هيكل له صفات فريدة لمساعدة الشركات على التعامل مع بيئتها الخاصة.
وتنقسم الهياكل المعاصرة إلى
أولاً: هيكل المصفوفة ويعني تعيين متخصص من كل مجال للعمل في مشاريع مختلفة، وفي هيكل المصفوفة يقدم كل موظف تقارير إلى مديرين مثل: المنطقة أو الإدارة أو التوجيه ومدير المشروع.
ثانياً: منظمات بلا حدود حيث لا يوجد تسلسلات هرمية أو توصيف وظيفي أو جغرافيا في هذه الهياكل، وتفتقر هذه المنظمات إلى الحواجز الرأسية والأفقية والخارجية لذا يعمل الموظفون والمديرون والعملاء والموردون معاً على تبادل الأفكار، وتحديد أفضل المبادرات للمؤسسة.
ثالثاً: المنظمات التعليمية لا يعني مفهوم المنظمات التعليمية تصميماً تنظيمياً محدداً. بل هي منظمات طورت القدرة على التبني والتغيير في تحديد وحل المشكلات المتعلقة بالعمل.
أولاً: منظمات ( المصفوفة) ماتريكس
تمتلك هذه مؤسسات تصميماً يجمع بين الهيكل الوظيفي التقليدي وبنية المنتج. وبدلاً من التحول الكامل الى الهيكل القائم على المنتج، قد تستخدم الشركة بنية مصفوفة. لموازنة فوائد الهياكل الوظيفية التقليدية والقائمة على المنتج. وعلى وجه التحديد يتم تجميع الموظفين الذين يقدمون تقاريرهم إلى مديري الأقسام معاً لتشكيل فرق المشروع أو المنتج. ونتيجة لذلك يقدم كل شخص تقاريره إلى مدير القسم وكذلك مدير المشروع أو المنتج.
وفي هيكل المصفوفة يتحكم مديرو المنتجات في الأمور المتعلقة بالمنتج. ويتحدثون عنها بينما يتمتع مديرو الأقسام بالسلطة على الأمور المتعلقة بسياسة الشركة. ويتم إنشاء هياكل المصفوفة استجابةً لعدم اليقين وديناميكية البيئة والحاجة إلى إيلاء اهتمام خاص لمنتجات أو مشاريع محددة. وقد يؤدي استخدام بنية المصفوفة بدلاً من إدارات المنتجات إلى زيادة التواصل والتعاون بين الإدارات. لأن مديري المشاريع سيحتاجون إلى تنسيق أعمالهم مع تلك الخاصة بمديري الأقسام.
اقرأ ايضا :الهيكل التنظيمي
وفي الواقع تظهر الأبحاث أن بنية المصفوفة تزيد من وتيرة الاتصال الرسمي وغير الرسمي داخل المنظمة فهياكل المصفوفة تتمتع بميزة توفير استجابات سريعة للمشكلات الفنية ومتطلبات العملاء، ويحافظ وجود مدير المشروع على التركيز على المنتج أو الخدمة المقدمة.
وعلى الرغم من هذه الفوائد المحتملة فإن هياكل المصفوفة لا تخلو من التكاليف. ففي المصفوفة يقدم كل موظف تقارير إلى مديرين أو أكثر، وهذا الوضع مهيأ للصراع. ونظراً لأن العديد من المديرين مسؤولون عن توجيه سلوك كل موظف فقد تكون هناك صراعات على السلطة أو حروب على النفوذ بين المديرين.
ونظرا لأن المديرين أكثر ترابطاً مقارنة بالبنية التقليدية أو القائمة على المنتج. فسوف يحتاجون إلى بذل المزيد من الجهد لتنسيق عملهم. ومن وجهة نظر الموظف هناك احتمال لحدوث صراع بين الأفراد مع أعضاء الفريق وكذلك مع القادة. وقد يؤدي وجود قادة متعددين إلى وجود غموض في الأدوار، أو الأسوأ من ذلك تضارب الأدوار من حيث إعطاء تعليمات أو أهداف لا يمكن تحقيقها جميعاً لأنها متعارضة مما يتطلب لحل هذه المشكلات مستوى كبير من الصبر والاستباقية من جانب الموظف. ويتم استخدام بنية المصفوفة في العديد من شركات تكنولوجيا المعلومات العاملة في تطوير البرمجيات. وشركة تصنيع الملابس الرياضية Nike هي شركة أخرى تستخدم منظمة المصفوفة بنجاح.
ثانياً: منظمات بلا حدود
منظمة بلا حدود هو مصطلح صاغه جاك ويلش خلال فترة عمله كرئيس تنفيذي لشركة جنرال إلكتريك. ويشير إلى منظمة تزيل الحواجز التقليدية بين الإدارات. وكذلك الحواجز بين المنظمة والبيئة الخارجية. وتوجد أنواع مختلفة من المنظمات بلا حدود حيث يتم الاستعانة بمصادر خارجية لجميع الوظائف غير الأساسية.
والفكرة من وراء هذا التنسيق هي الاحتفاظ فقط بالوظائف المولدة للقيمة والوظائف الإستراتيجية داخل الشركة. بينما يتم الاستعانة بمصادر خارجية لبقية العمليات من الموردين. ومثال على ذلك ما تفعله شركة تويوتا فمن خلال إدارة العلاقات مع مئات الموردين، تحقق تويوتا الكفاءة والجودة في عملياتها.
اقرأ ايضا: تقارير الاستدامة: 10 أسباب وراء فشل المنظمات في الافصاح
وتشكل التحالفات الإستراتيجية شكلاً آخر من أشكال التصميم بلا حدود. على غرار مشروع مشترك بأن تجد شركتان أو أكثر مجالاً للتعاون وتجمع جهودهما معاً. لإنشاء شراكة مفيدة لكلا الطرفين. وفي هذه العملية يتم كسر الحدود التقليدية بين اثنين من المتنافسين. على سبيل المثال: شكلت ستاربكس شراكة ناجحة للغاية مع شركة PepsiCo لتسويق مشروباتها الباردة Frappuccino. وتتمتع ستاربكس بتقدير فوري لاسم العلامة التجارية في مشروب القهوة البارد. ولكن رغبتها في الاستحواذ على مساحة الرف في محلات السوبر ماركت تتطلب خبرة تسويقية. وخبرة لم تكن ستاربكس تمتلكها في ذلك الوقت. ومن خلال الشراكة مع PepsiCo ، اكتسبت ستاربكس بداية مهمة في تسويق وتوزيع هذا المنتج.
وقد تتضمن المنظمات غير المحدودة إزالة الحواجز التي تفصل الموظفين، وقد تكون هذه حواجز غير ملموسة. مثل: طبقات الإدارة التقليدية، أو الحواجز المادية الفعلية مثل الجدران بين الإدارات المختلفة، وتخلق الهياكل مثل فرق الإدارة الذاتية بيئة ينسق فيها الموظفون جهودهم ويغيرون أدوارهم لتلائم متطلبات الموقف بدلاً من الإصرار على أن شيئًا ما بأنه “ليس وظيفتي” أو كما نقول “وأنا مالي”.
ثالثاً: المنظمات التعليمية
منظمة التعلم هي المنظمة التي يسعى تصميمها بنشاط لاكتساب المعرفة وتغيير السلوك نتيجة للمعرفة المكتسبة حديثًا، وفي المؤسسات التعليمية يعد التجريب وتعلم أشياء جديدة والتفكير في المعرفة الجديدة هي المعايير، وفي الوقت نفسه هناك العديد من الإجراءات والأنظمة المعمول بها والتي تسهل التعلم على جميع مستويات المؤسسة، ففيها يتم تشجيع التجريب واختبار أساليب التشغيل التي يحتمل أن تكون أفضل، وهذا ليس فقط بسبب للاستجابة للتهديدات البيئية، ولكن كطريقة لتحديد الفرص المستقبلية.
فشركة 3M هي إحدى الشركات التي أضفت الطابع المؤسسي على تجربة الأفكار الجديدة في شكل السماح لكل مهندس بقضاء يوم واحد في الأسبوع في العمل على مشروع شخصي. وفي IBM يتم تشجيع التعلم من خلال تعيين مديري أعمال ناجحين للغاية وتعيينهم مسؤولين عن فرص الأعمال الناشئة ، وهي شركة لا تجد صعوبة في ابتكار أفكار جديدة كما يتضح من عدد براءات الاختراع التي تمتلكها.
ومع ذلك ، كان تسويق هذه الأفكار مشكلة في الماضي بسبب التركيز على النتائج قصيرة المدى، ولتغيير هذا الوضع بدأت الشركة في إنشاء هيكل يتم فيه تحمل الفشل وتشجيع المخاطرة، واتخذت الشركة خطوة كبيرة نحو أن تصبح منظمة تعليمية. والمنظمات التعليمية جيدة أيضاً في التعلم من التجربة الخاصة بها للتعلم من أخطاء الماضي أو من المنافسين ، وتجري الشركات تحليلاً شاملاً لها، وتختار بعض الشركات عقد اجتماعات رسمية بأثر رجعي لتحليل التحديات التي تواجهها ومجالات التحسين، للتعلم من الآخرين، وتدرس هذه الشركات بقوة المنافسين وقادة السوق في مختلف الصناعات والعملاء.
ومن خلال المقارنة مع أفضل ممارسات الصناعة فإنهم يبحثون باستمرار عن طرق لتحسين عملياتهم. فالمنظمات التعليمية جيدة أيضًا في دراسة عادات العملاء لتوليد الأفكار. وعلى سبيل المثال ، تستخدم Xerox علماء الأنثروبولوجيا لفهم واكتساب رؤى حول كيفية استخدام العملاء لمنتجاتهم المكتبية بالفعل وباستخدام هذه التقنيات تسهل مؤسسات التعلم الابتكار وتجعل من السهل تحقيق التغيير التنظيمي.
وفي الختام ،
البيئة المتغيرة للمنظمات تخلق الحاجة إلى أشكال جديدة من التنظيم. فهياكل المصفوفة هي تقاطع بين الهياكل التقسيمية الوظيفية والقائمة على المنتج، و إنها تسهل تدفق المعلومات وتقلل من وقت الاستجابة للعملاء، ولكنها تواجه تحديات لأن كل موظف يقدم تقاريره إلى مديرين متعددين، وتطمس المنظمات غير المحدودة الحدود بين الإدارات أو الحدود بين المنظمة المحورية وغيرها في البيئة، وقد تتخذ هذه المنظمات شكل منظمة معيارية أو تحالف استراتيجي أو فرق ذاتية الإدارة، وأما مؤسسات التعلم تضفي الطابع المؤسسي على التجريب والمعايير.
اقرأ ايضاً :استخدم الهدف الذكي سمارت ” SMART” لصياغة أهداف واضحة
الوقت المقدر للقراءة 10 دقائق
e-onepress.com
About Author
[…] اقرأ ايضا الأشكال المعاصرة للهياكل التنظيمية […]