المحاسبةالمحاسبة

سنتكلم في هذه المقالة والمقالة القادمة عن البدايات التاريخية وسياقات المحاسبة الإدارية. وسننظر في طبيعة القوى والظروف التي شكلت تطورها. وسنتعرف على تطورها الحالي. والتأثيرات المستقبلية المحتملة التي يجب أن تستجيب لها من أجل الحفاظ على أهميتها وفعاليتها. وما هي الشروط والمتطلبات اللازمة للتنفيذ الناجح وصيانة أنظمة المحاسبة الإدارية.

وسندرك أن الاختلاف الأساسي بين المحاسبة المالية والإدارية. هو أن المحاسبة المالية تخدم احتياجات المستخدمين خارج وداخل المنظمة. في حين أن المحاسبة الإدارية تخدم احتياجات فقط العاملين داخل المنظمة. وبسبب هذا الاختلاف الأساسي بين المستخدمين. تؤكد المحاسبة المالية على العواقب المالية للأنشطة السابقة والموضوعية وإمكانية التحقق والدقة والأداء على مستوى الشركة، وفي الجانب الآخر تؤكد الإدارية على القرارات التي تؤثر على المستقبل والأهمية وحسن التوقيت وأداء القطاع. وما يرغب به المديرون من الحصول على بيانات التكلفة أو الإيرادات أو الأرباح. وتضمن أمثلة : كقطاعات الأعمال، و خطوط الإنتاج ومجموعات العملاء ( بناءاً على العمر والعرق والجنس وحجم المشتريات وما إلى ذلك) والأقاليم الجغرافية والأقسام والمصانع والإدارات.

والمحاسبة المالية تعد الزامية للمنظمات. ويجب عليهم الأمتثال لمبادئ المحاسبة المقبولة عموماً (GAAP). ومعايير التقارير المالية الدولية (IFRS). وفي حين أن المحاسبة الإدارية ليست إلزامية ولا تحتاج إلى الامتثال لهما.

ما هي المحاسبة الادارية؟

في  البداية علينا فحص كلمتي “الإدارة” و “المحاسبة” بشكل فردي. ولكن لسوء الحظ  ليس لأي من هذه الكلمات معنى واحد متفق عليه عالمياً. وقد يُنظر إلى الإدارة على أنها تشمل النطاق الكامل للأنشطة المتضمنة في إدارة المنظمة بدون أن ننسى أن المنظمات تتخذ أشكالًا عديدة. بما في ذلك الأعمال التجارية بأنواعها العديدة والمنظمات غير الربحية داخل القطاعين الخاص أو العام.

ويُنظر إلى المحاسبة على أنها تشمل الأنشطة التي تحاول قياس أداء المنظمة. أو التخطيط للأداء المستقبلي للمؤسسة. وقد يُنظر إلى للمحاسبة الإدارية أنها تشمل الأدوار “المحاسبية” التقليدية للإشراف والرقابة والتدقيق. وممكن أن يفكر الشخص العادي في أن المحاسبة معنية فقط بتلك القياسات المالية التي يقوم بها أولئك الذين يحملون لقب “محاسب”. والإدارة باعتبارها معنية فقط بتلك الأنشطة التي يقوم بها أولئك الذين يحملون لقب “المدير”.  لكن الحال في الحياة الحقيقية مختلفاً. ففي بيئات الأعمال التنافسية. وداخل القطاع العام. يتم التريكز بشكل متزايد على الفعالية. والقيمة مقابل المال. وأفضل الممارسات يتحمل فيها المشاركين التنظيميين مسؤولية الإدارة والمحاسبة. وإن تصرفات كل فرد داخل المنظمة. لها تأثيرات “متداخلة” على أجزاء أخرى من المنظمة. وتأثيرها “تصاعدي” على النتائج النهائية للمؤسسة ككل.

إذن ؟!

المحاسبة الإدارية هي المحاسبة (أي إنتاج معلومات مفيدة) للإدارة (أياً كان هؤلاء المدراء، وأياً كانت مسمياتهم الوظيفية). وفي هذا المعنى:  تشمل “المحاسبة” إنتاج جميع المعلومات المفيدة في إدارة المنظمة. ومن ثم قد تكون هذه المعلومات على سبيل المثال:

وبالمثل ، قد تشمل “الإدارة” أنشطة الأفراد في عدد من المواقف ، على سبيل المثال:-

كبار المديرين/ مديرو المستوى المتوسط/مديري المستوى الأدنى/ المديرين التنفيذيين ذوي المسؤوليات الإدارية.

وبالتالي وفي كثير من النواحي قد لا يتعبر الشخص العادي العديد من مجالات نشاط المحاسبة الإدارية محاسبة على الإطلاق.

وفي الواقع حيث اقترح بعض الكتاب أنه يجب استبدال مصطلح “محاسب إداري”. بمصطلح مثل “مدير المعلومات”. للدلالة على النطاق الواسع للمحاسبة الإدارية. واقترح دركر (1994)  على سبيل المثال أن مصطلح “اقتصاديات التصنيع” قد يكون مصطلحاً معاصراً  أفضل من مصطلح المحاسبة الإدارية  في بيئة التصنيع. والواضح أن هناك حاجة إلى مصطلح مختلف لجوانب القطاع العام للمحاسبة الإدارية. ومن المثير للاهتمام أنه في السنوات الأخيرة  اتخذت منظمات المحاسبة الإدارية مثل معهد تشارترد للمحاسبة الإدارية في المملكة المتحدة (CIMA). نظرة أكثر شمولاً لنطاق المحاسبة الإدارية وتميل إلى اتخاذ وجهة نظر “استشارات إدارية” .

ومن  تعريفات المحاسبة الإدارية ، من خلال مجموعة  مختارة من الكتب حول هذا الموضوع 

تعريف ينص على أنها “معنية بتوفير المعلومات للمديرين – أي الأشخاص داخل المؤسسة الذين يوجهون ويتحكمون في عملياتها”.

(Garrison and Noreen (2000: 4

وهنالك تعريف آخر لها يقول بأن  “المحاسبة الإدارية موجهة نحو المستقبل. وتهتم بشكل أساسي بتوفير المعلومات للمديرين لمساعدتهم على تخطيط الأنشطة وتقييمها ومراقبتها. وإنها في الأساس وظيفة خدمة ووسيلة لتحقيق غاية ولكنها ليس غاية في حد ذاتها”.

Proctor   (2002: xvii)

وأما ويلسون وواي (1993: 15)  يكتبان عنها : “تشمل المحاسبة الإدارية التقنيات والعمليات التي تهدف إلى توفير المعلومات المالية وغير المالية للأفراد داخل المنظمة لاتخاذ قرارات أفضل وبالتالي تحقيق الرقابة التنظيمية وتعزيز الفعالية التنظيمية”.

ويلProctor (1993: 15) 

هذا هو التعريف الأخير الذي نعتبره الأكثر تمثيلا لانه واسع النطاق ويعكس القاعدة العريضة للمحاسبة الإدارية، والمقصود بالمعلومات المالية وغير المالية هي التي تتطلب من المحاسبين الإداريين أن يكونوا أكثر من مجرد “عدادات ” بلا خصائص،  بالإضافة إلى ذلك ، يتعامل محاسبو الإدارة بالمعلومات، وليس البيانات فقط، وبالتالي يجب أن يتمتعوا بالمهارات اللازمة لإنتاج معلومات مفيدة وذات مغزى وذات صلة. ويجب عليهم  إضافة قيمة إلى البيانات ومعالجتها لمعلومات مفيدة، وتوفيرها للناس ، ولذا يتطلب منهم امتلاك مهارات التعامل مع الأشخاص والقدرة على التواصل بشكل فعال. وكما يتطلب بأن يكون لديهم القدرات على رؤية الآثار المترتبة على مشورتهم على المنظمة بأكملها وفهم كيفية ترابط الأجزاء المختلفة من المنظمة (أي الأجزاء اللينة (الأشخاص) وكذلك  الأجزاء الصلبة.

خصائص المحاسبة الادارية

كما سبق القول بينما تركز المحاسبة المالية على توفير المعلومات المالية التاريخية للمستخدمين الخارجيين مثل: المساهمون، والدائنون، و البنوك وغيرهم ، ويُطلب من المحاسبين الماليين الذين يقدمون تقارير إلى المستخدمين الخارجيين وأن يتبعوا مبادئ المحاسبة المقبولة عموماً أو معايير المخاسبية الدولية،  وهي مجموعة من القواعد المحاسبية التي تتطلب الاتساق في تسجيل المعلومات المالية والإبلاغ عنها، وتلخص هذه المعلومات عادةً النتائج الإجمالية للشركة ولا تقدم معلومات مفصلة. تركز المحاسبة الإدارية على المستخدمين الداخليين كالمديرين التنفيذيين ومديري المنتجات ومديري المبيعات، وأي موظفين آخرين داخل المؤسسة يستخدمون المعلومات المحاسبية لاتخاذ قرارات مهمة، ولا يلزم أن تتوافق معلوماتها مع المبادئ المحاسبة المقبولة عموماً  او المعايير المحاسبية الدولية .

مستخدمي معلوماتها

كما هو موضح أعلاه ، فيما يلي بعض الأمثلة عن الاشحاض الذين  يحتاج إلى معلومات لإدارة المنظمة،  فقد يطلبها مدير المبيعات وتوفر له معلومات حول اتجاهات المبيعات ، والربحية ، ومستويات المخزون ، ومعدلات دوران المخزون، وأداء مندوبي المبيعات،  ومعدلات وصول العملاء ، وأحجام المبيعات والقيم مصنفة حسب العميل والمنطقة ، إلخ وقد يطحتاجها مدير الإنتاج  لتقدم له معلومات حول معدلات الإنتاج ، وكفاءات الإنتاج، واستخدام سعة الماكينة، وأداء الموظف المنتج، ومقاييس،واتجاهات الجودة، ومستويات المخزون ، ومعدلات الإنتاجية ، ومعدلات الفاقد ، إلخ. وتزود مدير الموارد البشرية بمعلومات حول معدلات التغيب، والتأخير، ومستويات المرض واتجاهاته، ومعدلات دوران الموظفين، وتكاليف التوظيف وفعالية عملية التوظيف، ومعدلات التدريب ومعدلات النجاح ، والرواتب المقارنة ومستويات الأجور ، إلخ.

وأما مدير المكتب فبالإضافة إلى أنواع المعلومات ذات الصلة بمدير الموارد البشرية ، تقدم له معلومات حول مسائل مثل أداء المكتب، و مدى الوفاء باتفاقات مستوى الخدمة مع المكاتب الأخرى ، والفعالية الإجمالية للعمليات التي يقوم بها المكتب، وميزانيات المكتب ومدى استيفائها ، والآثار المترتبة على تكلفة الخدمات المستقبلية التي سيقدمها المكتب، والمقارنات بين تكاليف الخدمات التي يقدمها المكتب و تلك الخاصة بالمقدمين الخارجيين المحتملين ، إلخ.

وايضا

مدير المشتريات يهتم بالمعلومات المقدمة له حول مستويات المخزون وأوامر الشراء، وفعالية وتكاليف عمليات الشراء، والآثار المترتبة على تكلفة نهج الشراء البديلة ، والتكاليف المقارنة للموردين البديلين ، وقنوات الشراء ، إلخ.

وكل مدير أو مدير آخر رفيع المستوى تقدم له معلومات عن جميع الأمور المذكورة أعلاه، ولكن على مستوى أكثر تجميعاً وتلخيصاً، وبالتالي فإن متطلبات المعلومات الخاصة به سيكون لها تحيز استراتيجي أكبر،  وهذا النوع من المديرين سبكون أكثر اهتماماً بالجوانب السياسية الأوسع والأطول أجلاً  لأعمال المنظمة ، وبالتالي قد تكون متطلباته للمعلومات أوسع نطاقاً ، وأقل دقة ، وفي كثير من الأحيان تظهر تحيزاً غير مالي.

وتقدم للمدراء في مؤسسة القطاع العام، أو المنظمات غير الهادفة للربح. معلومات على نفس المنوال. على سبيل المثال تقدم لمدير قسم الإسكان معلومات حول معدلات دوران المستأجرين. والتكاليف الرأسمالية لبرامج الإسكان. والآثار المترتبة على التكلفة المقارنة لتوفير السكن الاجتماعي. وما إلى ذلك ، بالإضافية إلى أنواع المعلومات المحددة مسبقاً المتعلقة بأداء الموظفين وأداء الميزانية واتفاقيات مستوى الخدمة. ولمدير المستشفى تقدم أمور مثل  معدلات اشغال الاسرة. واتجاهات قائمة الانتظار. ومعدلات نجاح العمليات الجراحية. وفعالية تكلفة الإجراءات الجراحية، والتكاليف المقارنة للموردين البديلين ، وشؤون الميزانية ، وما إلى ذلك.

وبالإضافة إلى ذلك ستكون المعلومات على الأقل تكون ذات فائدة  لموظفي المنظمة  سواء كانوا يعتبرون “مدراء” بالمعنى الرسمي أم لا.

وفيما يلي أمثلة لاستخدامات المعلومات الإدارية من قبل الموظفين:-

  • لقياس كفاءة اقسام الموظفين ، وخط الإنتاج ، والشعبة ، وما إلى ذلك  مقارنةً بالآخرين – لا سيما إذا كانت المكافآت النقدية أو المكافآت الأخرى للموظف تعتمد على الأداء،
  • ولقياس مستويات الأجور المقارنة – لا سيما إذا كانت مفاوضات الأجور وشيكة.
  • ولقياس معدلات الربحية والأداء العام للمؤسسة مقارنة بأداء المنافسين – لا سيما عند النظر في الأمن الوظيفي.
  • ولإحتساب أداء الموظف  مع قياسه  مقارنة بأداء الموظفين الآخرين – لا سيما عندما يفكر الموظف في التقدم للترقية.

 وبهذا نجد أن المحاسبة الإدارية تركز  على عمل التوقعات المستقبلية لاحتياج الإدارة إلى توقعات مالية مفصلة للمبيعات. والتكاليف والأرباح (أو الخسائر) لخطوط الانتاج . وعلى الرغم من أن بيانات المحاسبة المالية التاريخية  لخطوط الانتاج  ستكون مفيدة. فإن إعداد التوقعات للخط الجديد سيكون بمثابة وظيفة محاسبة إدارية.

أخيراً ، 

غالباً ما تأخذ معلومات المحاسبة الإدارية شكل تدابير غير مالية.  على سبيل المثال، النسبة المئوية للمنتجات المعيبة المنتجة  أو النسبة المئوية للتسليم في الوقت المحدد للعملاء يأتي هذا النوع من المعلومات غير المالية من وظيفة المحاسبة الإدارية.

ونستكمل في المقالة القادمة  تاريخ وسياق المحاسبة الإدارية والاختلافات بينها وبين المحاسبة المالية.

اقراأ ايضا ًالمحاسبة الإدارية – مقدمة و تاريخ المحاسبة الإدارية ونطاقها واختلافها عن المحاسبة المالية

الوقت المقدر للقراءة 11 دقائق

e-onepress.com

About Author

One thought on “أهمية المحاسبة الإدارية وتعريفها”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Verified by MonsterInsights