ريادة الاعمالريادة الاعمال

في القرن الثامن عشر الميلادي، ظهرت لأول مرة فكرة ريادة الأعمال. ومنذ ذلك الحين تطور مفهومها بشكل كبير. بعض الأشخاص يعتبرونها ببساطة بداية عمل تجاري خاص بهم، لكن معظم الاقتصاديين يرون أنها تتعدى ذلك بكثير. وفقًا لبعض الاقتصاديين: رائد الأعمال هو الشخص الذي يتحمل مخاطر إطلاق مشروع جديد إذا وجد فرصة للربح الكبيرة. ومع ذلك هنالك اقتصاديون آخرون يُؤكدون على دور رواد الأعمال كمبتكرين يسعون لتسويق ابتكاراتهم. ولا يزال اقتصاديون آخرون يرون أن رواد الأعمال يُطوِّرون سلعاً أو عمليات جديدة تكون ضرورية في السوق وغير متوفرة حالياً.

بمعنى آخر، ريادة الأعمال ليست مجرد إنشاء عمل تجاري فحسب، بل هي الجهد المبذول لاكتشاف وتطوير فرص جديدة ومبتكرة، والمخاطرة بتحقيقها. سواء من خلال تقديم منتجات أو خدمات جديدة. أو تحسين العمليات الحالية. فالرواد هم روح الابتكار والتقدم الذي يساهم في تطوير الاقتصاد والمجتمعات.

اقرا ايضا أنظمة الحوكمة في الشركات العائلية (2)

في القرن العشرين ركز الخبير الاقتصادي جوزيف شومبيتر (1883-1950) على فكرة أن دافع رائد الأعمال للابتكار والتحسين يؤدي إلى الاضطرابات والتغييرات في الاقتصاد. اعتبر شومبيتر أن ريادة الأعمال هي قوة “تدمير إبداعي”. حيث يقوم رجل الأعمال بتنفيذ طرق جديدة تؤدي إلى تجاوز الأساليب القديمة لممارسة الأعمال التجارية في الصناعات التي أصبحت قديمة ومنسية. وبدلاً من ذلك يقوم بابتكار طرق جديدة وأفضل لتنفيذها.وأخذ خبير الأعمال بيتر دراكر (1909-2005) هذه الفكرة إلى مستوى أعمق حيث وصف رائد الأعمال: بأنه شخص يبحث بالفعل عن التغيير، ويستغل التغيير كفرصة.

تطور الاتصالات في القرن العشرين من الآلات الكاتبة إلى أجهزة الكمبيوتر الشخصية والإنترنت مثالاً بارزاً يوضح هذه الأفكار. وقد قاد رواد الأعمال هذا التغيير السريع والجذري في مجال الاتصالات. عبر ابتكاراتهم وتطوير تقنيات جديدة تحسنت بها طرق التواصل والمعلوماتية وصولًا إلى ما نعرفه اليوم.
إن مفهوم “تدمير إبداعي” الذي وضعه شومبيتر. أخذه دراكر بعين الاعتبار اظهر كيف أن رواد الأعمال يساهمون بشكل كبير في التغييرات الاقتصادية والاجتماعية. عبر تقديمهم للحلول المبتكرة والتغييرات التكنولوجية التي تحدث طفرة في الحياة اليومية للناس وتطوير الصناعات والأعمال.

اقرأ ايضاً لعبة محصلتها صفر

تعتبر اليوم ريادة الأعمال عنصراً ضرورياً لتعزيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل في مختلف المجتمعات. وهو الرأي الذي يتفق عليه معظم الاقتصاديين في الدول النامية. الأعمال التجارية الصغيرة الناجحة تعتبر المحرك الرئيسي لخلق فرص العمل. وزيادة الدخل والحد من حدة الفقر. لذلك دعم الحكومة لريادة الأعمال استراتيجية حاسمة للتنمية الاقتصادية.

وقد أشارت اللجنة الاستشارية للأعمال والصناعة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في عام 2003 إلى أن “سياسات تعزيز روح المبادرة ضرورية لخلق فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي”. مما سمح للمسؤولين الحكوميين تقديم حوافز تشجع رواد الأعمال على المخاطرة والتحدي وتجربة مشاريع جديدة. ومن بين هذه القوانين التي تساعد على تحفيز روح المبادرة، هي إنفاذ حقوق الملكية الفكرية وتشجيع نظام السوق التنافسي.

بالتالي، دعم ريادة الأعمال وتشجيع روح المبادرة أمراً أساسياً في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتحسين فرص العمل والاستفادة من الاقتصاد السوقي لتحسين أوضاع المجتمعات.

اقرأ ايضا العولمة وإدارة الاعمال

ترتبط ريادة الأعمال بثقافة المجتمع بشكل كبير حيث يمكن أن تؤثر الاختلافات الثقافية على حجم ريادة الأعمال وكيفية انتشارها في المجتمع. قد تتأثر مستويات ريادة الأعمال المختلفة بالاختلافات الثقافية التي تجعل ريادة الأعمال أكثر أو أقل جاذبية على المستوى الشخصي.

في بعض المجتمعات يُعطى أولوية لأفراد يشغلون مناصب قيادية في المنظمات الهرمية أو أولئك الذين يمتلكون خبرة مهنية طويلة. هذا يمكن أن يثبط رغبة الأفراد في ممارسة ريادة الأعمال وتحمل المخاطرة حيث يمكن أن يشعروا بأن الطريق إلى النجاح يكون صعبًا ومعقدًا بشكل غير مبرر.

ومن الجدير بالذكر أن الثقافة أو السياسة التي تُمنَحُ فيها مكانة عالية للفرد “العصامي”. أي الفرد الذي يتمتع بالقدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل وتحمل المخاطرة، قد تساهم في تشجيع روح المبادرة وريادة الأعمال. في مثل هذه الثقافات يُشجَّع الأفراد على تحقيق طموحاتهم واستغلال الفرص الجديدة لتحقيق النجاح والتفوق.

بالتالي، فإن ثقافة المجتمع تلعب دوراً مهماً في تشجيع أو تثبيط روح المبادرة وريادة الأعمال. ومن المهم أن تدعم الثقافة والسياسات التي تحث على التفكير الابتكاري وتشجع على تحمل المخاطرة وتوفر الدعم للأفراد الراغبين في تحقيق أهدافهم وأحلامهم الريادية.

اقرأ ايضاً الإدارة العليا في أوقات عدم اليقين

e-onepress.com

الوقت المقدر للقراءة 5 دقائق

About Author

One thought on “ريادة الأعمال والشركات الصغيرة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Verified by MonsterInsights