مصفوفة مندلو هي أداة استراتيجية تستخدمها المنظمات لتحليل ورسم خريطة لتأثير واهتمام مختلف أصحاب المصلحة بشكل منهجي. ففي الإدارة الاستراتيجية وتخطيط المشاريع. تلعب هذه المصفوفة دوراً محورياً من خلال تمكين المديرين من إعطاء الأولوية لمشاركة أصحاب المصلحة بناءً على مستويات قوتهم واهتماماتهم. وبالتالي، يمكن للمنظمات تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة. وتصميم استراتيجيات الاتصال بشكل مناسب. وضمان إدارة أصحاب المصلحة الرئيسيين بفعالية لدعم الأهداف التنظيمية.
المكونات الرئيسية لمصفوفة مندلو:
يتم رسم أصحاب المصلحة على شبكة ثنائية الأبعاد في مصفوفة مندلو، والتي تستند إلى بعدين حاسمين:
- القوة: يتعلق هذا البعد بقدرة صاحب المصلحة على التأثير على قرارات المنظمة وعملياتها ونتائجها. بحيث يمكن لأصحاب المصلحة الذين يتمتعون بقوة كبيرة أن يؤثروا بعمق على الاتجاه الاستراتيجي للمنظمة، مما يجعل إدارتهم حاسمة.
- الاهتمام: يعكس هذا البعد مدى اهتمام أو مشاركة صاحب المصلحة في أنشطة المنظمة. وأصحاب المصلحة الذين لديهم اهتمام كبير هم أولئك الذين يهتمون بشكل خاص أو يتأثرون بإجراءات المنظمة وقراراتها.
الأرباع الأربعة لمصفوفة مندلو:
تصنف مصفوفة مندلو أصحاب المصلحة إلى أربعة أرباع متميزة، كل منها يتطلب نهجًا إداريًا مخصصًا:
قوة عالية واهتمام كبير (اللاعبون الرئيسيون):
الخصائص: في هذا الربع، يمتلك أصحاب المصلحة تأثيرًا كبيرًا على المنظمة، ويكون لديهم اهتمامًا قويًا بأنشطتها. وهم غالبًا ما يكونون جزءًا لا يتجزأ من نجاح المنظمة.
الاستراتيجية: من الضروري أن يتم إدارة هؤلاء أصحاب المصلحة عن كثب. يجب على المنظمة أن تشركهم في نشاطاتها، وأن تتكفل بتلبية احتياجاتهم ليظلوا داعمين لأهدافها. حيث قد يؤدي الفشل في إرضاء اللاعبين الرئيسيين إلى مخاطر كبيرة على المشروع أو الاستراتيجية. على سبيل المثال: في سياق إطلاق منتج جديد،. عادة ما يندرج كبار المستثمرين والعملاء الرئيسيين في هذه الفئة، حيث أن دعمهم وموافقتهم أمران حاسمان لنجاح المنتج.
قوة عالية، اهتمام منخفض (ابقَ راضيا):
الخصائص: أصحاب المصلحة المصنفون هنا لديهم تأثير كبير على المنظمة ولكنهم يظهرون اهتمامًا أقل بعملياتها اليومية. على الرغم من أنهم قد لا يتأثرون بشكل مباشر بمعظم القرارات. إلا أنهم يمتلكون القدرة على تعطيل العمليات إذا كانوا غير راضين.
الاستراتيجية: يجب على المنظمة التأكد من أن هؤلاء أصحاب المصلحة يظلون راضين من خلال تزويدهم بالمعلومات الكافية. وذلك، لتأمين دعمهم دون إغراقهم بتفاصيل غير ضرورية. على سبيل المثال، قد يمتلك المنظمون الحكوميون سلطة كبيرة ولكنهم قد لا يهتمون بتفاصيل مشروع محدد. فالحفاظ على رضاهم يضمن الامتثال ويمنع التدخل غير الضروري.
قوة منخفضة، اهتمام كبير (ابقَ على اطلاع):
الخصائص: يكون لدى هؤلاء من أصحاب المصلحة اهتمام قوي بأنشطة المنظمة. ولكنهم يفتقرون إلى القدرة على التأثير على القرارات بشكل مباشر. غالبًا ما يكمن استثمارهم في جوانب محددة من عمليات المنظمة.
الاستراتيجية: يجب على المؤسسات إبقاءهم على اطلاع جيد ومشاركين، حيث يمكنهم تقديم رؤى قيمة. وقد يؤثرون بشكل غير مباشر على أصحاب المصلحة الأكثر قوة. على سبيل المثال، تندرج مجموعات المجتمع المحلي المهتمة بالتأثير البيئي لإطلاق منتج جديد ضمن هذه الفئة.
قوة منخفضة، اهتمام منخفض (أقل جهد):
الخصائص: أصحاب المصلحة في هذا الربع لديهم اهتمام محدود بأنشطة المنظمة ويفتقرون إلى القدرة على التأثير على قراراتها.
الاستراتيجية: يتطلب هؤلاء أصحاب المصلحة الحد الأدنى من الجهد. ينبغي مراقبتهم لضمان بقائهم سلبين، مما يسمح للمنظمة بتركيز مواردها على أصحاب المصلحة الأكثر نفوذاً واهتماماً. على سبيل المثال: يمكن اعتبار عامة الناس. الذين لا يتأثرون بشكل مباشر بإطلاق منتج جديد، ضمن فئة قوة منخفضة واهتمام منخفض.
مثال: تطبيق مصفوفة مندلو في إطلاق منتج:
ضع في اعتبارك سيناريو شركة تخطط لإطلاق منتج جديد. يمكن تصنيف أصحاب المصلحة المعنيين على النحو التالي:
قوة عالية واهتمام مرتفع (اللاعبون الرئيسيون): المستثمرون والعملاء الرئيسيون مهمون لنجاح المنتج. يجب إشراك أصحاب المصلحة هؤلاء عن كثب، وإشراكهم في عملية صنع القرار لضمان دعمهم.
قوة عالية واهتمام منخفض (حافظ على رضاهم): يمتلك المنظمون الحكوميون سلطة إيقاف إطلاق المنتج. ولكنهم قد لا يهتمون بتفاصيل المنتج المحددة. من الأهمية بمكان ضمان الامتثال والحفاظ على رضاهم لتجنب العقبات القانونية.
قوة منخفضة، اهتمام مرتفع (ابقَ على اطلاع): قد يكون لدى مجموعات المجتمع المحلي اهتمام قوي بكيفية تأثير المنتج على منطقتهم. لا سيما من حيث التأثير البيئي. يمكن أن يساعد إبقاء هذه المجموعات على اطلاع في الحفاظ على الدعم العام وتجنب الدعاية السلبية.
قوة منخفضة، اهتمام منخفض (أقل جهد): يندرج عامة الناس، الذين قد لا يتأثرون بشكل مباشر بالمنتج، ضمن هذه الفئة. على الرغم من أنه يجب مراقبة الرأي العام، يجب أن يكون تركيز الشركة على أصحاب المصلحة الأكثر نفوذاً.
من خلال استخدام مصفوفة مندلو. يمكن للشركة تطوير استراتيجية مستهدفة لإشراك كل مجموعة بشكل فعال. مما يضمن إطلاق منتج أكثر سلاسة.و يسمح استخدام هذه الأداة الاستراتيجية باتباع نهج أكثر تنظيماً لإدارة أصحاب المصلحة. وتسهيل تخصيص الموارد بشكل أفضل، وتعزيز احتمال تحقيق نتيجة ناجحة.
وفيما يلي بعض الطرق التي ساعدت بها المصفوفة في تعزيز التفكير الاستراتيجي:
تحديد الأولويات الاستراتيجية:
من خلال تصنيف أصحاب المصلحة بناءً على قوتهم واهتمامهم. تمكن المنظمات من تحديد أصحاب المصلحة الذين يحتاجون إلى أكبر قدر من الاهتمام والموارد. هذا يساعد في توجيه الجهود الاستراتيجية نحو تلك الفئات الأكثر تأثيرًا على نجاح المشروع أو الشركة، مما يضمن أن الجهود تركز على الجوانب الأكثر أهمية.
تخصيص الموارد بكفاءة:
يساعد تحليل أصحاب المصلحة باستخدام مصفوفة مندلو في تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة. فبدلاً من التعامل مع جميع أصحاب المصلحة بنفس الطريقة، يمكن للمنظمات تحديد الفئات التي تحتاج إلى أكبر قدر من الاستثمار في الوقت والمال والجهد، وبالتالي تحسين استخدام الموارد المتاحة لتحقيق الأهداف التنظيمية.
تعزيز استراتيجيات الاتصال:
المصفوفة توجه المنظمات في تصميم استراتيجيات الاتصال التي تتناسب مع مختلف أصحاب المصلحة. على سبيل المثال، قد تحتاج بعض الفئات إلى التواصل المستمر والمباشر، في حين أن الفئات الأخرى قد تتطلب تواصلًا أقل، ولكن مع توفير معلومات أساسية للحفاظ على رضاهم. هذا يعزز فعالية التواصل ويساهم في إدارة العلاقات بشكل أفضل.
التكيف مع التغيرات البيئية:
تسهم مصفوفة مندلو في تمكين المنظمات من التكيف بسرعة مع التغيرات في بيئتها الخارجية. من خلال إعادة تقييم أصحاب المصلحة بانتظام وفقًا للمصفوفة، يمكن للمنظمات الاستجابة للتغيرات في القوة أو الاهتمام بشكل فعال، مما يحافظ على توافق استراتيجياتها مع الظروف المتغيرة.
تخفيف المخاطر:
من خلال تحديد أصحاب المصلحة الرئيسيين والتفاعل معهم بفعالية، تساعد مصفوفة مندلو في تقليل المخاطر المرتبطة بسوء إدارة العلاقات مع هؤلاء الفئات. يمكن أن تؤدي استراتيجيات الإدارة الفعالة إلى تقليل المقاومة وزيادة الدعم، مما يقلل من احتمالات حدوث نزاعات أو مشاكل قد تؤثر سلبًا على المشروع أو المنظمة.
تحقيق التوازن بين الأطراف المختلفة:
تساعد المصفوفة في خلق توازن بين الأطراف المختلفة التي قد تكون لديها مصالح متعارضة. من خلال فهم كيفية تأثير مختلف أصحاب المصلحة على بعضهم البعض وعلى المنظمة، يمكن تطوير استراتيجيات توازن بين هذه المصالح وتدعم الهدف العام للمنظمة.
الانتقادات:
مصفوفة مندلو، رغم فائدتها الكبيرة في تحليل أصحاب المصلحة وتوجيه الاستراتيجيات التنظيمية، قد واجهت بعض الانتقادات التي تركز على حدودها وقصورها في بعض الجوانب. وفيما يلي بعض الانتقادات الرئيسية المتعلقة بمصفوفة مندلو:
البساطة المفرطة:
تُنتقد مصفوفة مندلو أحيانًا لأنها تُبسط بشكل مفرط تعقيدات العلاقات بين أصحاب المصلحة. فالتركيز فقط على بُعدين (القوة والاهتمام) قد لا يعكس بدقة الديناميات المعقدة التي قد تكون موجودة في العديد من المواقف العملية. قد يتطلب فهم أكثر دقة لإدارة أصحاب المصلحة الأخذ بعين الاعتبار مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى مثل التفاعلات الاجتماعية، والثقافة، والأهداف الشخصية.
الثبات الزمني:
قد تكون مصفوفة مندلو غير مرنة بما يكفي للتكيف مع التغيرات السريعة في بيئة الأعمال. فقد تتغير مستويات القوة والاهتمام لدى أصحاب المصلحة بشكل مستمر، مما يتطلب إعادة تقييم دائمة للوضع، وهو ما قد لا توفره المصفوفة بالشكل المطلوب. لذلك، قد تحتاج المنظمات إلى أدوات أو منهجيات إضافية لضمان أن التقييمات تظل ذات صلة مع مرور الوقت.
إغفال التفاعلات بين أصحاب المصلحة:
تركز مصفوفة مندلو على تقييم أصحاب المصلحة بشكل فردي، لكنها لا تأخذ في الاعتبار بشكل كافٍ التفاعلات بين هؤلاء الأطراف. في الواقع، يمكن أن تؤدي التحالفات أو النزاعات بين أصحاب المصلحة المختلفين إلى تغيير موازين القوى والاهتمامات، مما يؤثر على فعالية الاستراتيجيات التي تعتمد على التحليل الفردي فقط.
عدم كفاية التفصيل:
الانتقادات تشير أيضاً إلى أن مصفوفة مندلو قد لا تكون مفصلة بما يكفي لتوجيه الإجراءات التنفيذية بشكل دقيق. فبينما تقدم المصفوفة إطارًا عامًا لتصنيف أصحاب المصلحة، قد يجد المديرون صعوبة في ترجمة هذه التصنيفات إلى خطوات عملية واضحة دون توجيهات إضافية أو استخدام أدوات تحليلية متممة.
التحيز المحتمل في التقييم:
تعتمد مصفوفة مندلو بشكل كبير على التقييم الذاتي من قبل المنظمة لقوة واهتمام أصحاب المصلحة. هذا التقييم قد يكون عرضة للتحيز أو التقدير غير الدقيق، مما يؤدي إلى تصنيفات غير صحيحة يمكن أن تؤثر سلبًا على الاستراتيجية. على سبيل المثال، قد يتم تقليل أو زيادة تأثير بعض أصحاب المصلحة بناءً على تصورات غير دقيقة.
عدم مراعاة القيم والمعايير الأخلاقية:
تُنتقد المصفوفة أيضًا بسبب تجاهلها للجانب الأخلاقي في إدارة أصحاب المصلحة. التركيز على القوة والاهتمام قد يدفع المنظمات إلى اتخاذ قرارات تحقق الأهداف على حساب المعايير الأخلاقية، مثل إهمال أصحاب المصلحة ذوي القوة المحدودة ولكن الذين يجب أن تؤخذ مصالحهم بعين الاعتبار لأسباب أخلاقية.
من هو مندلو؟
مندلو هو أستاذ جامعي وخبير في الإدارة الاستراتيجية، واسمه “Aubrey L. Mendelow”. وهو معروف بتطوير أداة “Mendelow’s Matrix” التي تُستخدم لتحليل أصحاب المصلحة وتحديد استراتيجيات التعامل معهم في سياق الإدارة الاستراتيجية وتخطيط المشاريع. ولقد قدم هذه المصفوفة كجزء من جهوده في تعزيز الفهم التنظيمي لكيفية تأثير أصحاب المصلحة على نجاح المشروع أو الشركة، وكيف يمكن للمنظمات إدارة علاقاتها مع هؤلاء الأفراد أو المجموعات بشكل فعال.
خلاصة:
بالرغم من أن مصفوفة مندلو أداة مفيدة وشائعة في تحليل أصحاب المصلحة، إلا أن هذه الانتقادات تشير إلى أنها ليست حلاً شاملاً. يجب على المنظمات التي تستخدم هذه المصفوفة أن تكون على دراية بهذه القصور وأن تكملها بأدوات تحليلية أخرى أو تعديلات لتوفير صورة أكثر دقة وشمولية في استراتيجيات إدارة أصحاب المصلحة.
اقرأ ايضاً الدور والخصائص الأساسية للمنظمات في المجتمع
Estimated reading time: 12 دقائق