كل شيء يبدأ مع الله “ما لم يفترض وجود إله، فإن مسألة الغاية من الحياة لا معنى لها.” برتراند راسل.
الحياة ليست مجرد طموحات شخصية أو سعي لتحقيق السعادة المادية. بل هي أعمق من ذلك بكثير، حيث تتعلق بمعرفة الغاية الأسمى التي تبدأ وتنتهي بالله. إذا أردت فهم سبب وجودك في هذا العالم، فإن أول خطوة يجب أن تكون الرجوع إلى الله. الله خلقك بحكمة وغاية، لا يعلمها سواه. وكما قال في كتابه الكريم: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” (الذاريات: 56). العبادة هي الغاية التي من أجلها جئنا إلى الوجود، وبدونها تصبح الحياة بلا معنى.
البحث عن الغاية
على مر العصور، ظل البشر يتساءلون عن الغاية من حياتهم. كثيراً ما يبدأون هذه الرحلة من أنفسهم، ويطرحون أسئلة مثل: “ماذا أريد أن أحقق؟” و”ما هي أهدافي الشخصية؟” لكن هذه الأسئلة لا تكشف الحقيقة الكاملة. عندما يحاول الإنسان أن يفهم غايته انطلاقاً من ذاته فقط، فإنه يضل الطريق. الله وحده يعلم لماذا خلقك، وأي هدف يجب أن تسعى إليه. وكما قال تعالى: “فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ” (الذاريات: 50). الهروب إلى الله هو الطريقة الوحيدة لإيجاد المعنى الحقيقي للحياة. فالوجود ليس صدفة أو مجرد حادثة عشوائية، بل هو جزء من خطة إلهية دقيقة ومحددة. لذلك، يجب أن نتذكر أن الله قال: “أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا” (المؤمنون: 115). الوجود لم يكن عبثياً أو عشوائياً، بل هو جزء من نظام محكم وضعه الله لحكمة عظيمة.
الغاية من الحياة
حين نفكر في الحياة، يجب ألا يكون التركيز على الذات فقط. النجاح الشخصي قد يبدو هدفاً مرغوباً، لكنه ليس الغاية النهائية. النجاح الحقيقي يكمن في السير وفقاً لما يريده الله لنا. كما قال تعالى: “وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ” (التكوير: 29). الله هو الذي يرسم لنا الطريق، ويحدد غاياتنا، وعلينا أن نتبعه لتحقيق النجاح الحقيقي. وكما جاء في القرآن الكريم: “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” (الأنعام: 162).
التضحية لأجل الله
الحياة في الإسلام لا تدور حول اكتساب النجاح المادي أو الشهرة الشخصية فقط، بل تتمحور حول النية الخالصة لله والعمل من أجله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات”. العمل بدون نية صافية لله يفقد قيمته الحقيقية. التضحية الذاتية، حين تكون موجهة نحو الله، هي ما يمنح الحياة معناها الكامل. فالحياة تجد غايتها الأسمى حين تبنى على العطاء والتفاني في سبيل تحقيق ما يريده الله منا.
الوحي بدلاً من التكهن
على مدى التاريخ، حاول العديد من الفلاسفة والمفكرين فهم معنى الحياة من خلال التكهن والافتراضات الشخصية. ومع ذلك، ظل الكثيرون يتخبطون في الإجابات المعقدة دون الوصول إلى الحقيقة. الإسلام يقدم الوحي كدليل إلهي واضح لمعرفة الغاية الحقيقية. وكما قال الله في القرآن: “وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” (الإسراء: 85). العلم الذي يملكه البشر محدود، ولا يمكنه وحده كشف أسرار الحياة. الوحي، الذي أنزله الله، هو الذي يرشد الإنسان نحو الغاية الحقيقية ويقدم له الإجابات التي تتجاوز حدود العقل البشري.
العودة إلى الله
لا يمكن للإنسان أن يكتشف غايته الحقيقية من خلال المادية أو الاكتفاء الذاتي. السبيل الوحيد لمعرفة الغاية من الحياة هو العودة إلى الله وكلماته. قال الله تعالى: “وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا” (الأحزاب: 71). النجاح الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال طاعة الله ورسوله، والسير في الطريق الذي رسمه الله لنا. فقط حين نوجه حياتنا نحو الله، نكتشف الغاية الحقيقية ونسير نحو الفوز العظيم.
مواجهة الصعوبات
غالباً ما يشعر الإنسان بالتحديات والصعوبات في حياته، وقد يجد صعوبة في تقبل بعض الجوانب من شخصيته أو ماضيه. ولكن من المهم أن نتذكر أن الله هو الذي صمم كل جزء منا بعناية وحكمة. قال الله تعالى: “هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ” (آل عمران: 6). حتى الصعوبات التي نواجهها في حياتنا جزء من الخطة الإلهية التي تهدف إلى تحسيننا وتقريبنا من الله. الله لا يترك عباده وحدهم في مواجهة تلك الصعوبات. وكما قال تعالى: “إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” (الشرح: 6). مع كل تحدٍ، هناك تسهيل وخير مخبأ في قلب التجربة.
غاية الوجود
الله خلقنا لحكمة، ولم يترك أي شيء للصدفة. كل تفصيل في حياتنا، سواء كان في مظهرنا أو ظروفنا، جزء من خطة إلهية محكمة. الله يقول: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ” (سورة ق: 16). الله يعلم كل ما يدور في داخلك، وهو معك في كل لحظة من حياتك.
عندما تجد نفسك تواجه صعوبات، تذكر أن الله هو الذي خلقك بعناية وحكمة، وأن كل تجربة تمر بها لها غاية إلهية. خطته لحياتك ليست مجرد خطة عابرة، بل هي نظام دقيق يتسم بالحب والرحمة.
ختاماً
الحياة لا تفهم بشكل كامل إلا عندما تُربط بالغرض الإلهي. النجاح الدنيوي وحده لن يحقق السعادة الحقيقية. عليك أن تدرك أن غايتك تكمن في علاقتك بالله، وأن كل ما يحدث في حياتك هو جزء من تلك الخطة الإلهية المدروسة بعناية. إن فهمنا لتلك الغاية يجعل حياتنا مليئة بالمعنى، ويقودنا إلى تحقيق النجاح الحقيقي، سواء في الدنيا أو الآخرة.
اقرأ ايضاً: رواية الأخطاء الثلاثة في حياتي -Three Mistakes of My Life- للكاتب: تشيتان بهاجت Chetan Bhagat
اقرأ ايضاً تقدير قيمة الزمن: الحكمة في مواجهة حتمية النهاية
e-onepress.com
Estimated reading time: 6 دقائق
اجمل ما في المقال ..طريقة سرده
لله حكمة في خلقه وإذا ما أيقن المسلم وآمن بملكوت الله في حكمتة
سيسعى في الحياة محقق لإرادة الله عز وجل
وما كتبه له
[…] اقرأ ايضاً ” البداية مع الله: رحلة البحث عن الغاية الحقيقية […]