قانونقانون

كانت تجربة الكساد العظيم الحافز التاريخي وراء أكبر تغييرحدث في نظام التجارة الدولية. بدأ هذا التغيير ظاهرياً بانهيار سوق الأسهم الأمريكية في أواخر عام 1929. مما أدى إلى انكماش الاقتصاد العالمي بوتيرة مخيفة. وتدهور الوضع الاقتصادي، وفي هذا السياق ظهرت دعوات لحماية الصناعات المحلية الأمريكية التي كانت تواجه منافسة من المنتجات المستوردة.

الهدف من هذه الدعوات كان لتحفيز الاقتصاد المحلي. ودعم الشركات والصناعات الأمريكية للتخفيف من الأثر السلبي للاقتصاد الضعيف. بسبب وجود اقتصاد منكمش أدى إلى ظهور نمط حماية التجارة والصناعات المحلية في نهاية المطاف. حيث تم فرض قيود ورسوم جمركية على المنتجات المستوردة لتشجيع استهلاك المنتجات المحلية وحماية الوظائف الأمريكية.

هذه السياسات التجارية المحمية أثارت جدلاً كبيراً حيث كانت هناك آراء متباينة حول تأثيرها الفعلي على الاقتصاد العالمي. وفي الوقت نفسه، تسببت هذه السياسات التجارية الحمائية في تباطؤ التبادل التجاري الدولي وتأثيرها سلباً على الاقتصادات العالمية.

ومع مرور الوقت. شهدت العالم تحولاً نحو رؤية أكثر افتتاحية للتجارة الدولية، حيث تم التركيز على تعزيز التعاون والتبادل التجاري بين الدول وتحقيق التفاهم الاقتصادي العالمي.

قانون سموت – هاو  ” Smoot-Hawley”

عندما اجتاحت الأزمة الاقتصادية العالمية نهاية عام 1929، تزامن ذلك مع تقديم مشروع قانون لفرض تعريفات جمركية عالية من قبل المجلس التشريعي الأمريكي بهدف زيادة الحماية للاقتصاد المحلي. وكان هذا القانون الذي أطلق عليه اسم “قانون سموت – هاو” (Smoot-Hawley) يهدف إلى فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع المستوردة، وخاصة المنتجات الزراعية، بهدف تشجيع المستهلكين الأمريكيين على شراء المنتجات المحلية بدلاً من المنتجات المستوردة، مما يؤدي إلى تعزيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل محلية.

تم تسمية القانون بقانون سموت – هاولي نسبة إلى “ويليس هاولي”، الذي كان يشغل حينذاك منصب رئيس لجنة الطرق والمواصلات بمجلس النواب، والسيناتور “ريد سموت” الذي كان يرغب في حماية صناعة بنجر السكر بولايته “يوتا”.

ومع ذلك، فشل مشروع قانون سموت – هاولي في أوائل عام 1929 بسبب عرقلة النواب الجمهوريين المعتدلين في مجلس الشيوخ الأمريكي لتمريره. عندما وصل المشروع إلى الكونغرس، سعى كل سيناتور أمريكي لإضافة حماية لصناعة ولايته الخاصة، مما أدى إلى توسع نطاق القانون ليشمل فرض رسوم جمركية على حوالي 20 ألف سلعة مستوردة إلى الولايات المتحدة، بنسب تتراوح بين 40% إلى 48%.

يُذكر أن هذا القانون تسبب في جدل كبير وانتقادات عديدة حول العالم، حيث أدى إلى تباطؤ التجارة الدوليةوتأثيره سلباً على الاقتصادات العالمية، واعتبره البعض أحد العوامل التي أدت إلى تفاقم الكساد العالمي واستمراره لفترة أطول.

الخميس الأسود

ChatGPT

في 21 أكتوبر 1929، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على تمرير قانون التعريفات المعروف بـ “سموت – هاولي”، وذلك بعد انقسام في الآراء، حيث صوت 44 شخصاً مؤيداً مقابل 42 شخصاً معارضاً لإضافة تعريفات جمركية على السلع غير الزراعية. وكان هذا القرار هو واحد من العوامل التي ساهمت في انهيار سوق الأسهم الأمريكية، والذي يُعرف بـ “الخميس الأسود”.

في مايو 1930، وقّع 1028 اقتصادياً معارضاً عريضة احتجاجاً على قانون التعريفات، مُعبِّرين عن رأيهم بأن هذا القانون سيزيد من تعقيد الأوضاع وتفاقم الأزمة الاقتصادية. حثوا الرئيس هوفر على استخدام حق النقض ضد مشروع القانون لمنع تنفيذه. ومع ذلك، قرّر الرئيس هوفر التوقيع على مشروع القانون “سموت – هاولي” في 17 يونيو 1930 للوفاء بالوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية بتحقيق المزيد من المساواة في التعريفات.

وقعت موافقة الرئيس هوفر على قانون “سموت – هاولي” بناءً على آماله في أنه سيساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحفيز الاستهلاك للمنتجات الأمريكية وخلق فرص عمل محلية. ومع ذلك، تبين فيما بعد أن هذا القرار كان له آثار سلبية على التجارة الدولية وأدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية على المستوى العالمي.

الإجراءات الانتقامية

نظراً لأن التعريفات الأمريكية المرتفعة أضرت بالشركات الأجنبية التي كانت تصدر إلى السوق الأمريكية. ولأن الاقتصادات الأجنبية كانت تعاني أيضا من الركود، ومن ارتفاع معدلات البطالة. فقد تسبب قانون التعريفات الأمريكي لعام 1930 في انخفاض التجارة العالمية بشكل حاد خلال الفترة بين عامي 1929 و 1930.

مع ازادياد الضغوط الاقتصادية على البلدان خلال فترة الكساد الكبير دفع بعض الدول مثل كندا ودول أوروبية لفرض رسوم جمركية أعلى على صادرات الولايات المتحدة انتقاما منها، حيث تسببت  هذه الإجراءات الانتقامية في تراجع صادرات أكبر اقتصاد في العالم (امريكيا ) من 7 مليارات دولار في عام 1929 إلى 2.5 مليار دولار في عام 1932. ومع حلول عام 1933 هبطت صادرات السلع الزراعية الأمريكية إلى ثلث مستويات 1929.

قانون اتفاقيات التجارة المتبادلة

 تعمق آثار الكساد الكبير نتيجة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين. ولمحاولة استعادة ثقة الدول الأجنبية عبر تشجيع التجارة الدولية. دفع الرئيس الأمريكي “فرانكلن روزفلت”  الى اصدار قانون اتفاقيات التجارة المتبادلة في عام 1934. ذلك من اجل مواجهة التعريفات المرتفعة. قامت الولايات المتحدة الامريكية بدعم الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة، واتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية “النافتا” ومنظمة التجارة العالمية.

تحرير التجارة

بحلول عام 1934 ترسخ موقف جديد يقبل مزايا التجارة الأكثر ليبرالية في الكونجرس الأمريكي. الذي أصدر قانون اتفاقيات التجارة المتبادلة (RTAA). حيث خولت هيئة الطرق والمواصلات (RTAA) الرئيس الأمريكي التفاوض على اتفاقيات ثنائية لتخفيض الرسوم الجمركية مع الدول الأخرى. بذلك يعتبر قانون “سموت – هاولي التشريع الأخير الذي حدد بموجبه الكونجرس معدلات التعريفة الجمركية.

هذا التخويل مكن للرئيس الامريكي أن يرسل وكلائه إلى دولة أخرى مثل المكسيك. لتقديم تخفيضات جمركية على مجموعة من السلع المستوردة مقابل تخفيضات الرسوم الجمركية من قبل المكسيك. على مجموعة أخرى من العناصر المستوردة من الولايات المتحدة. بمجرد موافقة الطرفين على المقايضة يتم إعادة الاتفاقيات إلى الولايات المتحدة والحكومه المكسيكية للموافقة عليها. وتمريرها لتصبح قانونا. لقد تم التفاوض على أكثر من ستين صفقة ثنائية في إطار RTAA. وأطلقت عملية تحرير التجارة التي ستستمر لعقود قادمة.

وكانت هيئة الطرق والمواصلات الامريكية مهمة لسببين.

أولاً : تعتبر واحدة من أقدم الأوقات التي منح فيها الكونجرس الأمريكي سلطة صنع السياسة التجارية مباشرة إلى الرئيس. في السنوات اللاحقة استمرت هذه الممارسة بموافقة الكونغرس على سلطة ترويج التجارة الرئاسية (TPA  المعروفة أيضاً باسم سلطة المسار السريع).التي تم استخدامها للتفاوض بشأن اتفاقيات تحرير التجارة الأخرى.

ثانيا: كانت هيئة الطرق والمواصلات بمثابة نموذج للإطار التفاوضي للاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الجات). بموجب اتفاقية الجات تقدم الدول أيضاً “تنازلات”  أي تخفيض التعريفة الجمركية على الواردات. مقابل تنازلات مماثلة من أعضاء الجات الآخرين. الفرق الرئيسي هو أن هيئة الطرق والمواصلات تضمنت تنازلات ثنائية بينما تم التفاوض على اتفاقية الجات في بيئة متعددة الأطراف.

السنوات الأخيرة

وفي الستوات الاخيره دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحمائية التجارية من أجل تشجيع الصناعة المحلية وحماية الأمن القومي. تحت شعار “أمريكا أولاً “. وقرر الرئيس ترامب الانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ. وحاول تحديث اتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية “النافتا” مع المكسيك وكندا. في مارس 2018  اعلن عن  تعريفات جمركية على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم بنسبة 25% و10% على الترتيب. ثم أدخل القرار حيز التنفيذ على الشركاء التجاريين الرئيسيين في الأول من يونيو 2018.

اقرأ ايضا التجارة، والفترات التاريخية التي مرت بها – الحلقة الثالثة والتطورات في تقنيات الاتصالات واللوجستيات وسلسلة التوريد

الوقت المقدر للقراءة 8 دقائق

e-onepress.com

About Author

2 thoughts on “القواعد الاساسية التي يقوم عليها نظام التجارة الدولي الحالي – الجزء الاول”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Verified by MonsterInsights